April 26, 2013

مجموعة الأزمات الدولية…
النأى عن المهنية والتحريض على الغزو

 مجموعة الأزمات الدولية... النأى عن المهنية والتحريض على الغزوبقلم: ابراهيم ابوبكر احمد – المملكة المتحدة
أصدرت مجموعة الأزمات الدولية فى ٢٨ مارس ٢٠١٣ تقريرا مطولا من حوالى ٤٠ صفحة حول ارتريا تحت عنوان “ارتريا : سيناريوهات للمرحلة الانتقالية المقبلة”. ومنذ الوهلة الاولى يستشعر القارئ ان المجموعة عوضا عن تقديم بحثٍ علميٍ ميدانيٍ يستند على حقائق ووقائع ماثلة على الارض ، ويتسم بالحيادية ويحافظ على التوازن فى الطرح والتحليل والتعليق، فإنها نأت بنفسها عن المهنية وأُسس البحث العلمي ، وأقحمت ذاتها فى نسج الاشاعات ، وأعتمدت على أصوات نشاذ ، ومعلومات تخدم غرض التقرير ، وتمالئ الخلاصة التى تود المجموعة الترويج لها ثم إقناع المتلقي بها . لقد إنطلقت مجموعة الأزمات الدولية فى إعدادها لهذا التقرير من هدف مرسوم ، وقناعة مبيته يمكن للقارئ المتمعن ان يستشفها من بين سطور التقرير ومخرجاته من السيناريوهات والاستنتاجات ثم الخلاصة

لقد حرضت مجموعة الازمات الدولية فى تقريرها الدول المجاورة اثيوبيا والسودان وجيبوتي على غزو ارتريا ، وتغيير النظام فيها بالقوة ، ثم تقسيم البلاد الى كانتونات على غرار ما حدث فى الصومال وغيره من البلدان . لذلك نجدها منذ الوهلة الأولى تسعى الى الاصطياد فى الماء العكر ، والبحث عن كل ما يسيئ لارتريا ، وينتقص من شأنها ، ويشوه صورتها وسمعتها ، ويجعلها دولة هشة لاحول لها ولا قوة . وانبرت المجموعة تسرد وتفسر وقائع أحداث فى ارتريا كيفما شاءت وبالاتجاه الذي يخدم سيناريوهاتها وإستنتاجاتها وأخيرا خلاصتها المعدة سلفا . لذلك نجد التقرير يصول ويجول بالقارئ فى سرد شائعات وأحداث لا وجود لها ، ويسعى بكل ما لدية من حيلٍ ومكرٍ الى ربط هذا بذاك ، ونسج خلاصة مفادها بان الدولة الارترية بعد عقدين من الاستقلال “أصبح المستقبل فيها مجهول ، والبنية السياسية والاقتصادية ضعيفة ، والمؤسسات المدنية والعسكرية عديمة الجدوى وتسود البلاد نزاعات أقليمية وطائفية وعرقية عميقة ، ويطغى فيها عدم التجانس بين أهل المنخفضات والمرتفعات ، وخلافات معقدة فى أركان النظام وفى المؤسسة العسكرية ، وهى أى إرتريا مُقدِمةٌ على فوضى وحرب أهلية ، ثم التمزق والتفكك وما لا يحمد عقباه بالنسبة لدول الجوار والمنطقة بشكل عام ” . هذه هى الخلاصىة التي أرادت المجموعة تمريرها فى تقريرها المطول ، وهذا ما تفتقت عنه قريحتها المشككة فى كل شيئ حتى فى مقومات الدولة الارترية وبقائها واستمرارها . ولم يبقى لها إلا أن تقول لنا ان استمرار ووجود الدولة الارترية لا مبرر له ، ولا طائل من ورائه
هذه الاستنتاجات ، وهذه الخلاصة التى تتنافى مع المبادئ التى تدعى المجموعة أنها قائمة عليها، إستندت فى التوصل اليها على مصادر تم إختيارها بشكل إنتقائي مثل ما تسمى نفسها بـ “المعارضة الارترية” والتى ينتقص التقرير من شأنها ويصفها فى أكثر من موقع بالواهنة والمبعثرة وعديمة الفائدة ، والاشاعات المتداولة هنا وهناك ، وتقارير مختلقة تنشرها مواقع التواصل الاجتماعي المدفوعة الأجر ، وكذلك تقارير منظمات حقوق الانسان المغرضة ، وكتاب مأجورين ومعروفين بعدائهم لارتريا . ومن المفارقات العجيبة تجاهلت المجموعة جملة وتفصيلا ، وعن عمد وسابق إصرار ، المصادر الارترية الرسمية ، واسقطت تقارير منظمات الامم المتحدة حول ما انجز فى ارتريا فى قطاعي الصحة والتعليم والبنية التحتية خلال العقدين الماضيين ، كما وضعت جانبا تقارير اكثر من ١٧ شركة أجنبية تنشط فى مختلف أنحاء ارتريا فى التنقيب عن المعادن المختلفة ، وأي تقرير إيجابي كتب عن ارتريا فى هذه الصحيفة او تلك . باختصار أبعدت المجموعة كل ما يختلف مع ما تود قوله ، وكل ما يناقض خلاصتها المعدة سلفا
من هنا أقول جازما إن تقرير مجموعة الأزمات الدولية افتقد الى ابسط شروط البحث العلمي وهى المعلومة الصيحة ، والمصادر الموثقة ، والمصداقية ثم الحيادية . لقد تعمد التقرير على نسج الاشاعات، فتاه بين حيثياتها ، وضَّل طريقه ، ثم فقد بوصلته وأخير سقط فى وحل التآمر على ارتريا وبلدان المنطقة حين دعاها بغير حق للاحتراب بغرض حلحلت مشاكلها وخلافاتها الآنية . لقد انتهجت مجموعة الأزمات الدولية فى هذا التقرير سياسة الكيل بمكيالين ، واعتمدت إزدواجية المعايير فى حكمها ومقارباتها وما توصلت اليه من خلاصة حين تجاهلت تماما وعن قصد رفض اثيوبيا الامتثال لقرار المحكمة الدولية بشأن النزاع الحدودي بين ارتريا وإثيوبيا ، وحين دعت الى التنازل عن بادمي لصالح اثيوبيا ، وحين بررت استيلاء اثيوبيا على ميناء عصب الارتري بالقوة بغرض ايجاد موطئ قدم على البحر . إن المجموعة إبتعدت حقا عن الاحترافية والمهنية ، وأكتفت بالسطحية فى السرد والتفسير، والضحالة فى التعليق والتحليل
لقد أساءت مجموعة الأزمات الدولية فى هذا التقرير الى نفسها اكثر مما أساءت الى ارتريا. واثبتت بأنها ليست مؤسسة محايدة فى الطرح والتحليل ، ولا مؤسسة بحثية علمية تستقى معلوماتها من مصادر صحيحة وموثقة ، وانما هى أداة ممالئة لسياسات وتوجهات دول بعينها ، وقائمة على مسايرة استراتيجيات الدول الغربية تجاه هذا النظام او ذاك او تجاه هذه المنطقة او تلك . علاوة على ذلك فقد فضحت المجموعة نفسها ، وكشفت من حيث لا تدري بانها ليست مؤسسة تجنب العالم الأزمات السياسية والكوارث الانسانية والحروب المحتملة كما تدعي ، بل انها تكرس وتشعل الأزمات ، وتحرض على استخدام القوة المفرطة فى حلحلة المشكلات ، وعلى الغزو والاحتراب عوضا عن الجلوس الى مائدة الحوار الأكثر حكمةً والأقل تكلفةً ، وحل التناقضات بالطرق السلمية دون سفك للدماء وهدر للاروح
يبدو من الخلاصة التى توصلت اليها المجموعة أنها لم تتعظ بعد مما حدث فى الصومال والعراق وافغانستان وليبيا وأخيرا سوريا . كما لم تتعظ مما الحقته الحرب الارترية الإثيوبية من أضراربشعبي البلدين قبل أكثر من عشرة أعوام . وإلا ، فلماذا التحريض على استخدام القوة لحل الخلافات ، ولماذا السعي الى زعزعة الاستقرار النسبي فى المنطقة ، ولماذا الاصرار على صب الزيت على النار . الآ يكفي ما دفعه شعبا ارتريا وإثيوبيا من خسائر بشرية ومادية جراء تلك الحرب المفتعلة . ولماذا السعي الى تعقيد الامور. ولمصلحة من هى الدعوة الى الاقتتال مجددا . وما هى الفائدة التي تجنيها المجموعة من وراء إشعال الفتنة الطائفية والعرقية والحرب الأهلية فى ارتريا . ولماذا تريد تقسيم ارتريا وتجزئتها وتفكيكها . كيف نفسر كل هذا التآمر ، وكل هذا الخداع . وكيف نفهم التناقض بين مبادئها المعلنه ودعوتها الى استخدام القوة لاسقاط نظام بعينه . أسئلة كثيرة يتوجب على المجموعة الاجابة عليها ، وتقيم تقريرها المسيئ لها قبل غيرها ، والبحث عن مكامن الخلل فى المبادئ المعلنة التى تقوم عليها ودعوتها للغزو والاحتراب
خلاصة القول ان على مجموعة الأزمات الدولية ان تعلم بأن اللعب بالنار لا يعرف مخاطره وافرازاته الا من اكتوى بهذه النار وعاش مراراتها . ولا نغالي إن قلنا ان شعب ارتريا يعلم اكثر من غيره شرور الحروب وآثارها المدمرة وتداعيتها المأساوية . لانه أحد أكثر شعوب العالم معاناة وتضررا منها . كما يعلم الشعب الارتري أكثر من غيره بأن إشعال الحروب أسهل بكثير عن محاولة إخمادها والسيطرة على نتائجها وتداعياتها . وعلمته التجربة بأن من يعلن الحرب ليس بالضرورة ان ينتصر فيها ، وإن إنتصر فانه سيعاني ولفترة طويلة من آثارها ونتائجها غير المحسوبة . من هنا نقولها صراحة وخاصة لمجموعة الازمات الدولية ، بان ارتريا ليست إحدى جمهوريات الموز تتقاذفها أهواء الطامعين بل هى دولة قادرة على الدفاع عن نفسها وسيادتها الوطنية . وأنها ستمارس حقها المشروع ، وسوف تصون وحدة أراضيها وشعبها مهما كلفها ذلك من تضحيات ، ومهما استغرق ذلك من وقت . وعلى مجموعة الأزمات الدولية ان تراجع نفسها ، وتمتثل على الاقل الى مبادئها وتوجهاتها المعلنة ، وتكف عن التحريض على الحروب واللعب بالنار

Latest Articles

መጅልስ አምን ወለዛልም ቀራራቱ...

ዕላል ምስ በንያም ሃይለ ደራሲ ‘ምኡዝ ዋዛታት ዋርሳይ...

Conversation with Dr. Tajedin N. Yousif