April 11, 2012

الازمة الحدودية بين ارتريا واثيوبيا
مرور عقد على قرار مفوضية ترسيم الحدود

(13 ابريل 2002 ـ 13 ابريل 2012)


. ” حصلت أثيوبيا على كامل مطالبها في المنطقة المحددة بمقتضى معاهدة 1900 ” أي في القطاع الأوسط “

. ”  أكدت المحكمة في القطاع الغربي سيادة أثيوبيا على كل منطقة بادمي.”

. والى ذلك قالت السلطات الأثيوبية بأنها وبحكم براعة قضاتها حصلت على ارضي ارترية لم تكن مدرجة ضمن مطالبها.

ولكنها سرعان ما  تراجعت راديكاليا عن موقفها، وها هي تسعى ومنذ عقد كامل الالتفاف على قرار المفوضية الذي اعتبرته ” غير عادل، وغير قانوني، وغير مسؤول”  وذلك في رسالة رسمية بعثها رئيس وزراء أثيوبيا ملس زيناوي في 19 سبتمبر 2003 الى الامين العام للامم المتحدة حينذاك، كوفي عنان. ولقد بذلت مفوضية ترسيم الحدود جهود مضنية لاقتناع النظام الأثيوبي باحترام التزاماته بموجب معاهدة الجزائر الدولية المبرمة في 12 ديسمبر 2000 ليس من قبل الرئيس الارتري اسياس افورقي ورئيس وزراء أثيوبيا ملس زيناوي وحسب، بل لقد تم توقيعها من طرف الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك كوفي عنان، ووزيرة خارجية الولايات المتحدة الأمريكية حينذاك ماديلن اولبرايت والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، والرئيس النيجيري السابق اولسغان اوباسا نجو والرئيس التوغولي السابق ناسمبي اياديما، وسكرتير منظمة الوحدة الافر يقية وقتذاك د.سالم احمد سالم، وممثل الاتحاد الاوروبي السيناتور الايطالي رينو سيري.

وتضمنت تلك الاتفاقية البنود المحورية التالية:

. وقف الحرب الفوري بين البلدين، وعدم اللجوء الى القوة من قبل الطرفين.

. تشكيل مفوضية ترسيم الحدود من خمسة قضاة دوليين لتعيين وترسيم الحدود بين ارتريا وأثيوبيا.

. تتولى مفوضية ترسيم الحدود عملية تعيين وترسيم الحدود بموجب المعاهدات الاستعمارية لعام 1900 و1902 و1908 والقانون الدولي، ولا يحق ان تتخذ قراراتها على اساس التراضي.

. يعتبر قرار مفوضية ترسيم الحدود نهائيا وملزما.

. ونصت المادة (14- أ) من  ” اتفاقية وقف الاعمال العدائية ” بأن مجلس الامن يمكنه اتخاذ الإجراءات المناسبة ضد احد البلدين اذا ما  خرق اتفاق الجزائر، وذلك بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

مفوضية ترسيم الحدود تعري موقف الحكومة الأثيوبية

على مدار ثلاث سنوات كاملة تحملت مفوضية ترسيم الحدود العقبات التي كانت الحكومة الأثيوبية تختلقها للحؤول دون أداء وإنهاء مهامها القاضية بترسيم الحدود على الأرض بين ارتريا وأثيوبيا بموجب قرارها الصادر في 13 ابريل 2002، ولكنها عندما وصلت الى قناعة تامة بان الحكومة الأثيوبية عازمة على إجهاض مهمتها وساعية على الالتفاف على قرارها الملزم والنهائي، رفعت في 24 فبراير 2005 عبر رئيسها البروفسور سير اليهو لوترباخت،  تقريرا مفصلا الى الامين العام للأمم المتحدة ، يمكن تلخيصه في إحدى عشر نقطة:

 

 1 ـ ”  لقد أحجمت المفوضية حتى الآن عن إبداء أي تقييم قانوني للظروف التي أفضت الى حالة الجمود الراهنة، غير انها ترى الآن من الضروري التذكير بالتطورات الرئيسية التي آدت الى الحالة الراهنة، وتحديد السلوك الذي حال دون إتمام المفوضية لولايتها “.

2 ـ ” بموجب اتفاق الجزائر المبرم في ديسمبر 2000، طلب الى اللجنة أن تقوم في نفس الوقت بتعيين وترسيم الحدود.”

3 ـ “  تمثلت ولاية المفوضية المنصوص عليها في الفقرتين 1 و 2 من المادة 4 من اتفاق الجزائر في  تعيين ورسم الحدود المنصوص عليها في المعاهدات المبرمة في عهد الاستعمار على أساس المعاهدات ذات الصلة المبرمة في عهد الاستعمار ” 1900 و 1902 و 1908 ” والقانون الدولي الساري. ولا تكون سلطة اتخاذ قرارات حسب مقتضى الإنصاف والحسنى”. وخلال الإجراءات التي أدت الى قرار التعيين، لم يعترض أي من الطرفين على ان تنطلق اللجنة من الحدود التي يتبين لها بموضوعية إنها محددة في المعاهدات المذكورة “.

4 ـ ” عندما صدر قرار التعيين، قبله الطرفان معا وقبلا تعيينه للحدود، نظرا الى انهما ملزمين بذلك بموجب اتفاق الجزائر. وكان قبول كل طرف تاما وعلنا على الملأ “.

5 ـ ” في 17 يوليو 2002، وبناء على شكوى تفيد فيها اريتريا بان مواطنين اثيوبيين يستوطنون قرية ديمبي منغول على الجانب الاريتري من الحدود التي أقرتها المفوضية، أصدرت المفوضية امرا يقضي بقيام اثيوبيا بسحب مواطنيها من تلك القرية. وفي 14 أغسطس   2002، طلب مجلس الأمن الى الطرفين، في قراره رقم [ 1430 ]، الامتناع عن القيام من جانب واحد بنقل القوات او السكان، بما في ذلك إنشاء أي مستوطنات جديدة في المناطق المتاخمة للحدود، الى أن يتم انجاز ترسيم الحدود والنقل المنظم للسيطرة على الأراضي، عملا بالمادة 4 البند 16 من اتفاق السلام الشامل. ولم تمتثل أثيوبيا لأمر اللجنة. وفي 7 نوفمبر 2002، قررت رسميا بان أثيوبيا لم تمتثل لالتزامها وأبلغت مجلس الأمن بذلك. ولم تمتثل أثيوبيا حتى الآن لأمر اللجنة “.

6 ـ ” وجهت أثيوبيا الى الأمين العام رسالة مؤرخة 19 سبتمبر 2003،  أبرزت فيها ما وصفته بـ ” القرارات المفتقرة تماما الى الشرعية والعدل وروح المسؤولية التي اتخذتها المفوضية بشان بادمي وأجزاء من القطاع الأوسط “، فأوضحت بذلك، حسب اعتقاد اللجنة، إن شكوى أثيوبيا تتعلق بقرار تعيين الحدود لا بعملية ترسيم الحدود. واقترحت أثيوبيا ان ينشئ مجلس الأمن  آلية بديلة لترسيم حدود الأجزاء المتنازع عليها من الحدود ” على نحو عادل وقانوني ” . وردت المفوضية على هذه الرسالة، التي اعتبرت انها ” تتضمن بيانات تنطوي على سؤ فهم وتضليل ” … وردت المفوضية  بتفصيل على كل اعتراض من اعتراضات أثيوبيا “.

7 ـ ” لم تسمح أثيوبيا بعملية ترسيم الحدود، وتعقب المفوضية على ذلك قائلة: ” وسعت أثيوبيا الى تبرير موقفها بادعائها ان عملية ترسيم الحدود معيبة نظرا لعدم اتساقها مع اتفاق الجزائر نصا وروحا… وفي تقريرها الحادي عشر الى الامين العام ، شعرت المفوضية بأنها مضطرة “  بان تستنتج من كلام أثيوبيا  ـ الذي تريد به التشديد على ان عملية ترسيم الحدود هى التي تهمها حصرا ـ تعبر عن عدم رضاها عن الحدود في شكلها الذي ينص عليه موضوعيا قرار تعيين الحدود في شكل عراقيل إجرائية تعيق عملية الترسيم، وهو أمر لا يحق لها ان تقوم به “.

8 ـ  ” دعت المفوضية في 4 فبراير 2005 الطرفين للاجتماع معها في لندن في 22 فبراير 2005. وقبلت اريتريا الدعوة. أما أثيوبيا رفضتها قائلة ان الاجتماع سيكون ” سابقا لأوانه… وسيكون غير مجد وقد يوثر سلبا على عملية ترسيم الحدود… وأوضحت أثيوبيا ان على الطرفين ان يعالجا عن طريق الحوار ما وصفته بأنه ” مواطن خلل وعراقيل التنفيذ ” في قرار تعيين الحدود. ” وبهذه الطريقة لا غير ستتاح الظروف الضرورية لكي تنجز المفوضية مهامها “.

9 ـ ” وأثيوبيا غير مستعدة للسماح بمواصلة عملية الترسيم على النحو المبين في توجيهات ترسيم الحدود ووفقا للجدول الزمني الذي حددته المفوضية. وهى تصر حاليا على ان يسبق ذلك ” حوار “، بيد انها رفضت فرصة إجراء مثل هذا

” الحوار ” في إطار عملية الترسيم التي يتيحها اقتراح المفوضية بان تجتمع مع الطرفين في 22 فبراير. وهذا آخر إجراء من سلسلة إجراءات العرقلة المتخذة منذ صيف 2002، وهو يناقض ما تردده أثيوبيا من قبول قرار التعيين “.

10 ـ ” وفي ضوء هذا الوضع، تتخذ المفوضية خطوات فورية لإغلاق مكاتبها الميدانية. ويمكن إعادة  فتحها [ وان يكون ذلك في مهلة شهور ] أن تخلت اثيوبيا عن التشديد على شروطها المسبقة لتنفيذ عملية ترسيم الحدود. وتظل اللجنة من جانبها على استعداد لمواصلة عملية ترسيم الحدود وإتمامها كلما سمحت الظروف بذلك “.

11 ـ ” ولا بد للمفوضية ان تختتم بالإشارة الى ان الخط الحدودي قد حدد بصورة قانونية ونهائية في قرارها المتعلق بتعيين الحدود المؤرخ 13 ابريل 2002. ورغم عدم ترسيمه، فهو، رهنا فقط بتحفظات طفيفة أبديت في قرار تعيين الحدود، ملزم للطرفين، إلا إذا اتفقا على خلاف ذلك. وأي تصرف لا يتفق مع خط الحدود هذا، تصرف غير قانوني “.

1

 الترسيم الافتراضي للحدود

1 – رفع رئيس مفوضية ترسيم الحدود البروفسور اليهو لوترباخ في 27 نوفمبر 2006 تقريرا مفصلا الى الأمين العام للأمم المتحدة والذي ادرجه هذا الاخير ضمن تقرير قدمه الى مجلس الأمن في 15 نوفمبر 2006. ولقد سرد لوترباخ بصورة مفصلة الإشكاليات التي صادفت المفوضية والعراقيل التي افتعلتها الحكومة الأثيوبية للحيلولة دون ترسيم الحدود  على الأرض مع ارتريا بوضع الأعمدة وفقا لقرار مفوضية الحدود الصادر في 13 ابريل 2002، قبل تقديم جدول نقاط الحدود والإحداثيات  المفصلة والدقيقة مرفقة مع خريطة تظهر الحدود الدولية بين ارتريا وأثيوبيا. وجاء في في الفقرة 22 من نفس تقرير رئيس مفوضية الحدود ” لا يمكن للمفوضية ان تكون قائمة الى ما لا نهاية… وإذا لم يصل الطرفان الى اتفاق في غضون 12 شهرا، أي مع نهاية نوفمبر 2007، أو لم يطلبا من المفوضية ان تستأنف نشاطها، فالمفوضية ستعتبر الحدود بين البلدين مرسومة عمليا بموجب قائمة نقاط الحدود الملحقة مع التقرير، وهكذا تعتبر مهمة المفوضية قد انجزت… وقرار تعيين الحدود الصادر في 13 ابريا 2002 هو القرار القانوني المعتمد الوحيد الذي يوضح الحدود ” الارترية – الأثيوبية.

2 – بعث الرئيس الارتري اسياس افورقي خطابا الى رئيس مفوضية الحدود في 19 نوفمبر 2007 ورد فيه:

. ارتريا ملتزمة بحكم القانون وبمجمل اتفاقية سلام الجزائر وقبلت قرار مفوضية الحدود من دون غموض.

. أثيوبيا وبدعم من أعوانها تزعم إنها ملتزمة باتفاقية الجزائر، ولكنها تعمل جاهدة لإعادة فتح باب المفاوضات حول قرار تحكيم نهائي وملزم وذلك في محاولة منها لإيجاد آلية ” بديلة ” .

. لو كانت اتفاقية الجزائر قد احترمت ولو كان قرار المفوضية النهائي والملزم قد قبل تماما، وعملية الترسيم قد أنجزت، لكان الشعب الارتري والأثيوبي قد عادا منذ أمد طويل الى علاقات حسن الجوار والتعاون.

. نأمل في ان يتم تحميل أثيوبيا والذين يشجعونها في سلوكها غير القانوني مسؤولية استمرارية العداء والتوتر.

. تقبل ارتريا ترسيم الحدود الافتراضي.

3 – أرسلت الحكومة الأثيوبية بواسطة وزير خارجيتها وقتذاك سيوم مسفن خطابا الى رئيس مفوضية الحدود في 27 نوفمبر 2007 جاء فيه:

“  لم تقبل  ارتريا وأثيوبيا بترسيم الحدود بصورة نهائية عبر الإحداثيات “

الأمر الغريب، اذا كان وزير خارجية أثيوبيا يمكنه مخاطبة مفوضية ترسيم الحدود باسم بلاده، فان أحدا لم يعينه ناطقا باسم الحكومة الارترية التي عبرت عن موقفها من خلال رسالة الرئيس أسياس افورقي الى رئيس مفوضية ترسيم الحدود والذي أعلن فيها وبوضوح وشفافية عن قبول دولة ارتريا بقرار مفوضية الحدود القاضي بترسيم الحدود بين ارتريا وأثيوبيا بواسطة نقاط الحدود المحددة والإحداثيات الدقيقة والخرائط التوضيحية المفصلة والتي تعتبر كلها ملزمة ونهائية.

4 – وفي رسالة من المستشارة القانونية الارترية البرفسورة لي بريلماير الى رئيس مفوضية الحدود في 29 نوفمبر 2007، كتبت حرفيا ” ان أثيوبيا وبكل بساطة مخطئة في قولها بأن ” لا ارتريا ولا أثيوبيا قبلتا ترسيم الحدود بين البلدين من قبل مفوضية الحدود من خلال الإحداثيات بصورة نهائية تبعا لتقرير مفوضية الحدود المؤرخ بـ 26 نوفمبر 2006.” وتواصل البرفسورة ردها قائلة ” بالعكس، فارتريا أقرت الإحداثيات التي حددتها مفوضية ترسيم الحدود باعتبارها نهائية وملزمة أسوة بسائر قراراتها.”

5 ـ أصدرت مفوضية ترسيم الحدود الارترية ـ الأثيوبية بتاريخ 30 نوفمبر 2007 تصريحا صحافيا في لاهاي أكدت فيه بأن الحدود بين دولة ارتريا وأثيوبيا قد عينت بمقتضى قرار المفوضية الصادر في 13 ابريل 2002، وتمت عملية ترسيم الحدود بصورة افتراضية بواسطة نقاط الحدود والإحداثيات والخرائط.

6 ـ وأخيرا وليس آخر، وفي 7 يناير 2008  وفي تقريره السادس والعشرين والأخير الى الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون، أكد رئيس مفوضية الحدود البرفسور ليهو لوترباخ:

. لقد رسمت الحدود الدولية بين ارتريا وأثيوبيا بصورة نهائية من خلال نقاط الحدود المرفقة مع تقريرها الى الأمين العام للأمم المتحدة في 27 نوفمبر 2006.

. لقد رسمت الحدود نهائيا وفقا لقرار تعيين الحدود الصادر في 13 ابريل 2002، وهو وحده المعتمد قانونيا لتحديد الحدود بين البلدين.

. قبلت ارتريا قرار مفوضية الحدود الصادر في 13 ابريل 2002، وبترسيم الحدود بصورة نهائية وملزمة عبر نقاط الحدود والإحداثيات والخرائط ونفت ارتريا عبر خطاب رئيس دولتها ومستشارة ارتريا القانونية ما ورد في خطاب الحكومة الأثيوبية الذي يدعي بأن الطرفين لم يقبلا ترسيم الحدود افتراضيا.

. أرسلت الخرائط الموقعة والموضحة للنقاط الحدودية رسميا الى ارتريا واثيوبيا في 30 نوفمبر 2007. وسيحتفظ  في الأمم المتحدة بنسخ من تلكم الخرائط ، وبكل تقارير وثائق ورسائل مفوضية ترسيم الحدود الدولية بين دولة ارتريا وأثيوبيا، ويمكن الاطلاع على جميع تلك الوثائق على الموقع الاليكتروني لمحكمة العدل الدولية في لاهاي.

والملفت للنظر في هذا الصدد هو تأرجح مواقف مجلس الامن بين الحياد السلبي مرة، والتهافت في إصدار قرارات عقوبات باطلة على ارتريا طورا، ولجوئه الى صمت متواطئ تارة.

1 ـ  مجلس الأمن والحياد السلبي

أولا: بعد رفض الحكومة الأثيوبية قرار مفوضية ترسيم الحدود رسميا في 19 سبتمبر 2003، بعث رئيس مجلس الأمن آنذاك اميير جونس بيري الى رئيس وزراء أثيوبيا ملس زيناوي بتاريخ 1 أكتوبر 2003 أعرب فيها عن:

1 ـ  أسف  أعضاء مجلس الامن الشديد لعدم قبول اثيوبيا لمجمل قرار مفوضية ترسيم الحدود الخاص  بتعيين وترسيم الحدود بين البلدين.

2 ـ  تأكيد مجلس الأمن بان قرار مفوضية ترسيم الحدود اتخذ طبقا للإطار القانوني الذي حددته اتفاقيتي الجزائر.

3 – تذكير أثيوبيا بأن قرار مفوضية ترسيم الحدود نهائي وملزم.

4 – اعتبار استمرارية تأجيل تنفيذ عملية ترسيم الحدود موقفا مناقضا لنص وروح اتفاقيتي الجزائر.

ثانيا: رفع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تقريرا الى مجلس الأمن في 23 يناير 2008 مرفقا بالتقرير السادس والعشرين والأخير لمفوضية ترسيم الحدود الارترية ـ  الأثيوبية ، جاء فيه:

1 ـ أرسلت مفوضية ترسيم الحدود خرائط موقعة من قبل أعضائها توضح الحدود الدولية بين ارتريا وأثيوبيا المرسومة والمرفقة بالإحداثيات الي كل من البعثة الارترية والأثيوبية في الأمم المتحدة.

2 ـ جددت مفوضية ترسيم الحدود موقفها القاضي بأنه اذا ما تعذر ترسيم الحدود بين البلدين على الارض خلال 12 شهرا، فان المفوضية تعتبر الحدود الدولية بين ارتريا وأثيوبيا قد رسمت نهائيا حسبما تؤكد على ذلك الخرائط ونقاط الحدود والإحداثيات.

ولكن دور مجلس الأمن لا يمكن ان يكون قاصرا على اعتماد موقف يتسم بالحياد السلبي، بل ان مهمته وفقا لاتفاقيتي الجزائر كانت ولا تظل تقتضي اتخاذ موقف حازم وحاسم بـ:

1 ـ تطبيق قرار مفوضية ترسيم الحدود على الأرض.

2 ـ إلزام الحكومة الاثيوبية على الالتزام بقرار مفوضية الحدود ومغادرة الأراضي الارترية.

3 ـ فرض العقوبات على أثيوبيا بموجب الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة وإجبارها على الانصياع لحكم القانون .

2 ـ مجلس الأمن والعقوبات الباطلة

اعتمد مجلس الامن في 23 ديسمبر 2009 القرار رقم 1907،  وفرض بمقتضاه حزمة عقوبات  باطلة على ارتريا استنادا الى تهمة زائفة نسجتها الإدارة الأمريكية وأخرجها فريق رصد الصومال وارتريا، وتبناها مجلس الأمن بالرغم من تحفظات روسيا والصين واعتراض ليبيا على القرار القاضي ضمن أمور أخرى فرض  حظر شراء الأسلحة على ارتريا. وتكمن المفارقة هنا ان ارتريا التي احتلت أراضيها والتي يحق لها بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة بالدفاع عن نفسها وبالذود عن سيادتها، سعى مجلس الأمن لحرمانها  مجلس من ممارسة حقها الشرعي والمشروع في الدفاع عن النفس، وذلك في تناقض سافر وصارخ مع ميثاق الأمم المتحدة ذاته. وبالمقابل سمح لأثيوبيا التي تحتل أراضي سيادية ارترية، والتي ترفض تطبيق قرار مفوضية ترسيم الحدود، وتضرب عرض الحائط بكل المواثيق والأعراف الدولية، ان تتدفق إليها الأسلحة خلف مبررات واهية، وان تشتري الأسلحة الثقيلة، وتستمر في احتلال أراضي سيادية ارترية، وللدلالة على ذلك نكتفي هنا فقط بالتنويه الى خبر نشرته وكالة الأنباء الاوكرانية في 14 يونيو 2011 ومفاده ان أثيوبيا اشترت 200 مدرعة من طراز تي 72 بمبلغ 100 مليون دولارا، في الوقت الذي يبادر فيه المجتمع الدولي وعبر المساعدات الغذائية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أفراد الشعب الأثيوبي، المغلوب على أمره، من الموت جوعا.

وتماديا في نفس النهج العدواني سعت الإدارة الأمريكية فرض عقوبات اقتصادية على ارتريا من خلال تقرير ملفق أعده فريق الرصد للصومال وارتريا ورفعه الى مجلس الأمن في 18 يوليو 2011، وبناء عليه اصدر مجلس الأمن في 5 ديسمبر 2011 القرار رقم 2023 ضد ارتريا وذلك بعد جهد جهيد وعسير استخدمت فيه الولايات المتحدة الأمريكية كل الوسائل المبررة لغايتها ومنها منع الحؤول دون مخاطبة الرئيس الارتري اسياس افورقي لمجلس الأمن  قبل صدور القرار، وذلك وسط ذهول واندهاش بقية اعضاء مجلس الامن. بدليل ان مندوب جنوب أفريقيا ميت نكوان ماشابان قال في الجلسة رقم 6674 من النقاش في مجلس الامن  والتي جرت في 5 ديسمبر 2011 ” نحن غير راضين لكون ارتريا لم تعط نفس الفرصة لمخاطبة مجلس الأمن. وان الأسلوب الذي تعامل به مجلس الأمن مع طلب دولة عضو في الامم المتحدة، اي ارتريا، كان دون المستوى المطلوب. وفي رأينا على مجلس الأمن ان يكون اكثر حساسية لدى تعامله مع رؤوساء الدول الذين يتعاطى مجلس الامن مع قضايا تخص بلدانهم.” وأعرب مندوب الصين في مجلس الأمن لي باودونغ عن ” أسفه لتهافت مجلس الأمن في التصويت ـ على القرار 2023 ـ والذي أدى الى فشله في تناول بعض القضايا التي تشكل مصدر قلق العديد من أعضاء مجلس الأمن بما فيهم الصين.” ومن طرفه صرح مندوب روسيا في مجلس الامن فيتالي شاركين ” ان نص القرار يحتوي على جملة من الأحكام التي تفتقر للصحة، وان دور فريق الرصد والخبراء تجاوز الحدود ، ولم نر نتيجة أي تحقيق، ونشك في القرار الذي يسند الى لجنة العقوبات مهمة إعداد مسودة مع فريق الخبراء تحدد للدول أسس التعاون مع ارتريا فيما يخص قطاع التعدين. ومن الأهمية بمكان على بذل المساعي السياسية والدبلوماسية قبل فرض العقوبات والتي تعتبر أقصى الإجراءات.”

3 ـ مجلس الامن والتواطؤ الصامت 

. تواطأت عدة أطراف إقليمية ودولية وفرضت على ارتريا عقوبات عسكرية ( القرار رقم 1907 لعام 2009) وعقوبات اقتصادية ( القرار رقم 2023 لعام 2011 )، وتوصلت تلك الأطراف الى ان ارتريا اضعف من تدافع عن سيادتها الوطنية، فتم ترتيب عملية شن هجوم عسكري أثيوبي مكشوف ومعلن على ارتريا في 15 مارس 2012 لغايات مختلفة أبرزها جس نبض جاهزية واستعداديه القوات الارترية. ففي 15 مارس صرح الناطق باسم الحكومة الأثيوبية شيملس كمال ” فجر هذا الصبح ( الخميس 15 مارس ) شنت قوات الدفاع الأثيوبية هجوما داخل الأراضي الارترية…وان الجيش الارتري اضعف من ان يشن هجوما مضادا على أثيوبيا.” وموضوعنا هنا ليس الخوض في تفاصيل العملية العسكرية ونتائجها التي تعرفها اثيوبيا قبل سواها، ولكن نريد فقط ان نذكر حكام اثيوبيا ربما انهم نسوا أو يريدون تناسي الهزائم الماحقة التي منيت بها قواتهم الغازية في ارتريا سواء كان ذلك ابان عهد الامبراطور هيلي سلاسي، أو الكولونيل منقستو هيلي ماريم، أو رئيس الوزراء ملس زيناوي، في النصف الثاني من القرن المنصرم وفي مطلع القرن الحالي.

ردود فعل دولية على العدوان الأثيوبي

اقتصرت ردود الفعل الدولية على الاعتداء السافر الذي قامت به أثيوبيا ضد ارتريا على وضع المعتدي والمعتدى عليه في مصاف واحد، وان ايطاليا هي الدولة الوحيدة التي أدانت وبشدة العدوان الأثيوبي على ارتريا. وفيما يلي شريط مواقف تلك الدول:

1 ـ الولايات المتحدة الأمريكية

لقد صرحت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيكتوريا نالاند  في 15 مارس   ” لقد علمنا بان الحكومة ( الاثيوبية ) افادت بان قواتها هاجمت مواقع عسكرية داخل ارتريا. ونحن نوجه نداء الى الطرفين لضبط النفس ولتفادي اي عمل عسكري اخر.”

2 ـ  فرنسا

صرح الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية بيرنارد فاليرو في 15 مارس ” مساء  يوم الأربعاء وفجر يوم الخميس قام الجيش الأثيوبي بعملية تهدف الى تدمير ثلاثة معسكرات تقع في جنوب – شرق ارتريا حيث تتهم أديس أبابا اسمرا بتدريب وتسليح مجموعات متمردين ينشطون في الأراضي الأثيوبية. وهذه الأحداث الجديدة التي جرت بعد مضي بضعة أسابيع على الاعتداء الذي تعرض له السواح الأجانب في أثيوبيا. ففرنسا تعرب عن بالغ قلقها إزاء ذاك. وتدعو الدولتين لتفادي التصعيد العسكري، وبصورة عامة، كل ما من شأنه ان يضاعف التوتر. وان فرنسا لعلى قناعة تامة بان الخلاف بين البلدين لا يمكن حله إلا بالحوار والمفاوضات.”

3 ـ بريطانيا

ناشد وزير الشؤون الأفريقية في الخارجية البريطانية، هنري بلينغام، في 17 مارس أثيوبيا وارتريا تحاشي أعمال من شـأنها ان ” تخلق توترا ” أو ” تفدي الى تصعيد العنف “. وقال ” أنا قلق جدا بخصوص الدخول العسكري الأثيوبي في ارتريا في 15 مارس. وهكذا عمل يمكنه ان يؤدي الى زيادة التوتر بين البلدين ويجهض جهود تعزيز الأمن والاستقرار في القرن الأفريقي. وان الصراع ليس من مصلحة اي من الدولتين. ونناشد كلا الطرفين الالتزام بمبادئي القانون الدولي وتفادي كل الأعمال التي قد تخلق التوترات التي تقود الى تصعيد العنف.”

4 ـ الاتحاد الأفريقي

اصدر رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي جان بينغ بيانا في 16 مارس أعرب فيه عن ” قلقه العميق بخصوص تصاعد التوتر بين ارتريا وأثيوبيا” ووجه نداء الى البلدين ” لكي يمارسا ضبط النفس لتفادي المزيد من التصعيد العسكري.” ونوه الى ” ان الاتحاد الأفريقي الذي لعب دورا في توقيع اتفاقية الجزائر في يونيو 2000، عبر في اجتماعات قمته عن قلقه حيال استمرار وجود عملية السلام بين البلدين في طريق مسدود، وجدد نداءه لبذل جهود افريقية جديدة لمساعدة الدولتين لتجاوز الصعوبات الراهنة، ولتطبيع علاقاتهما، ولإرساء دعائم سلام دائم واستقرار في القرن الأفريقي.”

5 ـ الاتحاد الأوروبي

قال الناطق باسم الممثلة السامية للشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي، كاترين اشتون، في 15 مارس ” الممثلة السامية قلقة بخصوص تصاعد التوتر بين أثيوبيا وارتريا بعد التدخل العسكري الإثيوبي. وانها وتوجه نداء الى الطرفين للكف عن العنف والتزام بالمبادئ العامة للقانون الدولي منوهة الى بنود اتفاقية الجزائر. وان الاتحاد الأوروبي يوجه نداء الى أثيوبيا وارتريا لبذل كل الجهود لإيجاد حل تفاوضي للقضايا العالقة فيما يخص علاقاتهما الثنائية.”

6 ـ اليابان

اصدرت وزارة الشؤون الخارجية اليابانية بيانا في 22 مارس جاء فيه:

. ” قامت القوات الأثيوبية في 15 مارس بهجوم عسكري داخل الأراضي ارترية بالقرب من المنطقة الحدودية. وبينما انسحبت القوات الأثيوبية بعد هجومها، هناك تقارير تفيد بنا هجوما آخر قد وقع في وقت لاحق.وتتابع اليابان الوضع عن كثب.

. تناشد اليابان كل الأطراف ببذل الجهود لامتصاص التوتر.

. واليابان قلقة بشأن مسألة الحدود الكامنة خلف التوتر بين البلدين، وتتوقع وبشدة ان تبذل الجهود لحل سلمي سريع لهذه القضية.”

7 ـ  النمسا

عبر نائب مستشار ووزير خارجية النمسا، مايكل سبينديلجر في 23 مارس ” عن قلقه ازاء تصاعد التوتر بين أثيوبيا وارتريا. تقارير الهجوم الذي قامت به أثيوبيا في الأراضي الارترية دقت جرس الإنذار وتشير الى الحاجة لدبلوماسية وقائية وطلب بوقف العنف وناشد السياسيين في البلدين على ضبط النفس واحترام مبادئي القانون الدولي والبحث عن حل سلمي للقضايا العالقة، وطلب التقيد بتطبيق اتفاقية الجزائر والتي بموجبها ألزمت أثيوبيا وارتريا أنفسهما باحترام الحكم الملزم بترسيم حدود البلدين. وقال ان الاتحاد الأوروبي مؤهل للنهوض بدور في سياق روح الدبلوماسية الوقائية مع بقية الشركاء الدوليين بغية الحؤول دون تنامي التوتر.”

8 ـ ايطاليا

أصدرت وزارة الخارجية الايطالية بيانا ورد فيه ” تتابع وزارة الخارجية الايطالية بقلق التقارير التي تفيد بقيام الجيش الأثيوبي بهجوم في الأراضي الارترية، وإنها تدين وبشدة اللجوء الى العنف لحل الخلافات.” معربة في نفس الوقت عن ” أملها أن ينهض المجتمع الدولي بدوره لكي تطبق اتفاقية الجزائر بصورة كاملة.”

رد فعل الأمين العام ومجلس الأمن

1 ـ وجه الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في 16 مارس 2010 نداء الى أثيوبيا وارتريا يناشدهما في” بممارسة أقصى درجة من ضبط النفس  وان يحلا خلافاتهما بالطرق السلمية  وان يتفاديا أي خطوة من شأنها ان تؤدي الى تصعيد التوتر.”

 لقد وقع عدوان سافر ومعلن على دولة عضو في الأمم المتحدة من قبل دولة أخرى عضو في الأمم المتحدة بصورة خارقة لميثاق الأمم المتحدة، ويكتفي الأمين العام بمطالبة الطرف المعتدي عليه ، أي ارتريا، بضبط النفس من دون أي يدين الطرف المعتدي، أي أثيوبيا، لاعتدائها على ارتريا ولخرقها لميثاق الامم المتحدة. فيا له من موقف اضعف من اضعف الإيمان!

2 ـ مجلس الأمن

. لم يعقد جلسة طارئة أو عادية لمناقشة الاعتداء الأثيوبي السافر والمعلن من قبل الحكومة الأثيوبية على دولة ارتريا.

. لم يدن الاعتداء الذي وقع على دولة عضو في الأمم المتحدة (ارتريا) من قبل دولة أخرى عضو في الأمم المتحدة ( أثيوبيا) باعتراف الحكومة الأثيوبية ذاتها عبر بيان حكومي رسمي.

. لاذ بالصمت الرهيب إزاء اعتداء دولة عضو في الأمم المتحدة ـ أثيوبيا ـ على دولة أخرى عضو في الأمم المتحدة ـ ارتريا ـ .

. لم يحرك ساكنا في وقت خرقت فيه أثيوبيا بشكل سافر وفادح نص وروح الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة الناص على حل الخلافات بين الدول بالسبل السلمية.

وقبل هذا وذاك فان مهام مجلس ألامن لقاضية على المحافظة على السلام والأمن الدوليين وفقا لمبادئي الأمم المتحدة ومقاصدها، كانت تملي عليه عقد جلسة طارئة بغية:

1 ـ إدانة العدوان الأثيوبي على ارتريا.

2 ـ القيام بمبادرة للحيلولة دون تدهور الأحداث الى حرب مفتوحة.

3 ـ اتخاذ الإجراءات الضرورية حيال أثيوبيا بموجب اتفاقية الجزائر وإذعانها على احترام قرار مفوضية ترسيم الحدود، وارضاخها على الجلاء من الأراضي السيادية الارترية.

ولكن هيهات!

موقف دولة ارتريا

لو لم تتعامل  ارتريا مع العدوان الأثيوبي عليها بصورة سياسية مسؤولة انطلاقا من مواقفها المبدئية لاندلعت الحرب الشاملة بين البلدين ولأتت على الأخضر واليابس. ولكن حكمة القيادة الارترية قطعت الطريق على القيادة الأثيوبية المراهقة والمتهورة. ويمكن تلخيص الموقف الارتري من الزوبعة التي افتعلتها أثيوبيا على الوجه الآتي:

. هذا الاعتداء ليس الأول من نوعه ولن يكون الأخير، لكونه يدرج في سياق الإستراتيجية الأثيوبية والإدارة الأمريكية.

.  الحكومة الأثيوبية ومن خلال قيامها بعمليات عسكرية بين الحين والآخر ضد ارتريا ضاربة عرض الحائط بكل المواثيق والأعراف  الإقليمية القارية الدولية، تهدف لزعزعة امن واستقرار ارتريا بغية عرقلة مسيرتها التنموية الجارية على قدم وساق.

. قيام أثيوبيا بهذا النوع من الاعتداء العسكري الاستفزازي يدرج في إطار سياسة الهروب الى الأمام من أزماتها الداخلية المتفاقمة في إقليم تجراي وفي سائر الأقاليم الأثيوبية الأخرى.

. لقد منيت القوات الأثيوبية الغازية للصومال بضربات مؤلمة هناك، وعليه عمد النظام الأثيوبي الى سياسة القفز الى هاوية حرب مفتوحة غير مضمونة العواقب مع ارتريا، انطلاقا من مغامراته العسكرية المحكومة بعقلية وروح المراهقة، في محاولة مكشوفة وفاشلة لتغطية هزائمه وفشله واحباطاته.

. تحتفظ ارتريا بحق الدفاع عن الذات في الوقت والمكان المناسبين، من دون ان تنجرف وراء التكتيكات والاستراتيجيات الطفولية للنظام الأثيوبي ولمن خلفه، ومن دون أن تشغل نفسها بقضايا جانبية، بعيدا عن أهدافها المحورية.

.  بعثت دولة ارتريا رسالة الى مجلس الأمن في 27 مارس المنصرم وكذلك الى الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون ، تطلب فيها رسميا تشكيل لجنة مستقلة تتقصى بكل موضوعية وشفافية عن ضلوع الإدارة الأمريكية فيما قام به شرطي حراسة مصالحها في المنطقة، أي أثيوبيا، من عمل عدواني ضد ارتريا.

. الحدود الدولية بين دولة ارتريا وأثيوبيا رسمت بصورة نهائية وملزمة عبر نقاط الحدود والإحداثيات والخرائط التي أصدرتها مفوضية ترسيم الحدود ، وجميع هذه الوثائق القانونية والتاريخية  محفوظة في الأمم المتحدة ووحدتها الخرائطية وفي مقر محكمة العدل الدولية. وان وجود القوات الأثيوبية في أراضي سيادية ارترية هو وجود غير قانوني وغير شرعي كما ورد في تقارير مفوضية ترسيم الحدود، وعليه فان مصيره الزوال طال الوقت أم قصر، سيما وان ارتريا لها تجارب تاريخية غنية مع الأنظمة المتعاقبة في سدة الحكم في أديس أبابا منذ ما يربو على ستة عقود.

وفي خاتمة المطاف دعونا نفترض ولو لثانية واحدة ، ماذا لو كانت ارتريا هي التي شنت هجوما على معسكرات الحفنة من الخونة والعملاء والمرتزقة والاستسلاميين والاسلامويين  والإرهابيين في أثيوبيا الذين جمعتهم الحكومة الأثيوبية وأعوانها جمعا، وتسعى لتأطير هذه الفسيفساء تارة في مقلي، وطورا في اواسا، وعادة في أديس أبابا. بالتأكيد لأقام مجلس الأمن القيامة ولتهافتت جهات دولية عديدة على  إمطار ارتريا بوابل من الإدانات الجاهزة من كل صوب وحدب. وهذا ليس بالأمر الغريب أو الجديد  لا على مجلس الأمن ولا على الأمم المتحدة التي دأبت على الكيل بمكيالين وأذاقت الشعب الإرتيري الامرين ولا سيما عندما صادرت، تحت تأثير وضغط الادارة الامريكية، حق الشعب الارتري الشرعي والمشروع في تقرير المصير بعد نهاية الحرب الكونية الثانية وتسببت في ماسي وكوارث الشعب الارتري على مدى نصف قرن كامل.

لقد كان ذلك فيما كان، ولكن الآن فان عقارب الساعة لا ولن تعود أبدا الى الوراء، وان قافلة الشعب الارتري تشق سبيلها وكدأبها بثقة وثبات ورسوخ وعزيمة ووضوح رؤية تحقيقا لأهدافها السامية، وهذا مما يثير ثائرة الثائرين الذين تهشمت مخططاتهم التآمرية، وفشلت أجندتهم ،وأصيبوا بخيبة أمل مقرونة باليأس ومشفوعة بالإحباط، فعجزوا في كظم غيظهم، وشرعوا بقيادة الإدارة الأمريكية يتخبطون خبط عشواء.

Latest Articles

ሓጺር ታሪኽ ሕጋዊ መኸተ ህዝቢ ኤርትራ ብኣጋጣሚ ዝኽሪ...

Statement by Ambassador Sophia Tesfamariam Permanent...

Conversation with Ceramic SculptorNasser Abdelwasie